الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما تتفتق الأمنيات .. وتتطاير بقايا خيوطها ..
عندما يتألم الحب .. و ينوح على عشاق الأساطير ..
عندما تسجن الصداقة نفسها في شرنقة ضيقة .. حتى تتلاشى .. لتظهر مره أخرى كـ فراشة أنيقة ..
عندما يتصرف اليُتم بـ حرية مطلقة .. حتى تتضاءل السعادة ..
عندما يشنق المرض طفلاً .. لا حيلة له إلا ان يرفع الراية البيضاء .. و يستسلم ..

عندما أكتب أنا !
فـ روحي هي من تكتب ..
و خافقي يظل ينبض احساساً رقيقاً ..

صغيرتي .. تشبهني كثيراً .. في ملامحها و دقة تفاصيلها ..

لازالت صغيرتي تكبر شيئاً فـ شيئاً ..
فـ رفقاً بي ..





[ الجزء الأول ]

كل أشيائي التي أرغب بها و بشدة ..
لم تصل بي للنهاية !
دائماً ما قبل البداية الفعلية تتوقف ..
أسوأ ما قد يحدث ..
أنك تجد قلبك بمكان .. و عقلك بمكان آخر ..
و روحك في عزلة تامة ..

دائماً .. الأشياء التي أرغب بها بصدق ..
تصبح ناقصة !


في غرفة مظلمة .. إلا من نور اللاب توب .. تحاول تتحسس حروف الكيبورد بـ رجفـة .. تكتب .. ترفع نظرها للشاشة .. تبتسم .. تلتفت لباب الغرفة .. ترجع تكتب بحماس أكثر .. وترجّع نظرها للشاشة ..
بين حماس الكتابة و قراءة الرد .. سمعت خطوات واثقة تصعد الدرج ..
سكرت كل شي كان مفتوح .. حاولت تحذف المحفوظات لكن ما فيه وقت .. و بأقصى سرعة تمتلكها فتحت باب الغرفة .. لكن للأسف كان أسرع منها ..
واقف عند الباب .. طالعها بنظره غير مفهومة .. ينتظر تفسير لوجودها في هالوقت المتأخر في غرفته .. نزلت عيونها و بعدها رفعتها بـ ثقة : كنت أبي أوراق طباعة أرسم عليهم .. اللي عندي خلصوا
طالع يدها الخالية إلا من رجفة غريبة دائماً يلاحظها فيها .. لكن مشّى لها الموضوع مع انه ما اقتنع فيه .. و دخل غرفته سكر الباب .. راح أخذ دووش بااارد لعله يجممد بعض من أحاسيسه .. توضى و صلى الوتر بخشوع و صوت ملائكي عذب .. رفع يديه للخالق سبحانه .. دعاا لوالديه بالصحة و العافية و دعاا لاخوانه بالهداية ..  تمدد على السرير الفخم باللون الليلكي الغامق .. و تلحف بـ غطاء مموج بين الليلكي و درجات التركواز ..  بداا يقول أذكار النووم .. لكن ما كملهم بسبب النوم العميق اللي دخل فيه ..

في جهة مناقضة من البيت .. وتحديداً في غرفة باللون البينك الفاتح مع تداخلات باللون التفاحي .. تناقض بين اللونين اجتمع مع تناقض شخصيتها .. من السرير الفخم إلى التسريحة الأفخم إلى باقي الأثاث .. اللي يغلب عليه الطابع الغربي .. ألوان متناقضه و متادخله بطريقة مميزة .. مثل شخصيتها بالضبط .. اللي بداخلها أفكار ومشاعر متناقضه إلى أبعد درجة .. كانت حاطه جوالها بـ جيب الجينز .. ومعلقة السماعات بأذنها .. ترقص بطريقة جنونية قدام المرايا .. و فجأة يقلب الموود .. وترقص بهدوء و رواقه .. مر على هالحالة أكثر من ساعتين ..
تعبت من الجينز و التيشيرت .. غيرتهم إلى فستان ناعم شاريته لإحدى حفلاتها تبي تشوف كيف بيكون الرقص بالفستان .. و خلال ما هي تبدل ملابسها .. سمعت صوت أذان الفجر ..
تعوذت من ابليس و راحت تتوضا و تصلي ع السريع ..
رغم صياعتها إلا إن صلاتها شي مهم في حياتها .. و تعتبر الصلاة هي الشي الوحيد الخيّر اللي تسويه .. عشان كذا عمرها ما تخلت عنها ..

دقايق و صوت الباب ينطق : شهد يلاا قومي صلي ..
شهد : صلييت يممممه
ردت أمها : بارك الله فيك ..

راحت أم شهد للغرفة القريبة من غرفة شهد .. تصحّي خالد اللي بسابع نوومه و مستحيل يقووم إلا بعد محاولات من كل اللي بالبيت ..
: خاااااالد بتقوم والا لا ؟؟؟ والله لو جا أبوك من المسجد و شافك ما قمت يا ويلك ..
طبعاً ما في أي رد ..
جات شهد : يممه روحي انا أوريك فيه ..
: خااااالد و مصمه .. خااالد يا مال العلـة .. خااالد قووم لا والله العظيم أطفي المكيف عليييك أخليك تخييس بالحر .. وما أكون شهد إذا ما سويتها
خالد : ......
شهد : ما راح تقوم يعني ؟؟؟ طيييب وهذا المكيف و طفيناه .. يلا اشوف نااام
راحت و رجعت ولقته في نفس الوضع اللي كان عليه .. تركته و راحت لمحمد .. لقته يصلي بكل خشوع و السكينه تلف المكان .. ظلّت تطالعه .. و تتأمله ..
هذا أطيب قلب عرفته في حياتي .. هذا نعمة من ربي .. و بركة هالبيت بوجوده .. شلون قدرت أكذب عليه و كل هالمحبة في عيونه .. كل ما أغلط يصحح لي .. يحميني من أمي وأبوي .. يدافع عني .. يتحمل العقاب بدالي .. و لازلت أغلط و أغلط .. و ما يهمني أي شي ..
لكن هالمره غلطتي كبييره .. غلطتي أكبر من انه يتحملها بدالي .. غلطتي كبييره لدرجه اني أحس بثقلها على قلبي .. مو قادره أرتاح أو أستانس .. كل ما صليت أحس بمسافة كبييره تفصلني عن الخشوع و السكينه .. كل ما جيت أدعي .. أحس ما لي وجه أقابل ربي فيه ..
يااارب استر علي .. و اهديني .. و نور دربي ..
: هلووو عررب
شهد بسرحان : هاا .. أي هلا
محمد : شتطالعين ؟ .. أول مره تشوفين واحد يصلي
شهد : لااا بس أنتظرك تخلص .. روح قعّد خالد .. أمي إذا جاها الضغط فـ هو منه ..
راح محمد لخالد و بمجرد ما تكلم محمد على طوول فز خالد من السرير الزيتي المقلّم بدرجات الأخضر .. و راح يتوضاا و يصلي ..

راحت أم محمد تصحّي مها .. اللي زواجها قرّب و الإستعدادات له على قدم وساق ..دخلت الغرفة اللي باللون الأحمر القاتم بتداخلات من اللون الذهبي .. لقتها تكلم جوال .. أكيد تكلم خطيبها .. تركتها و راحت تنام ..

جا أبو محمد من المسجد طل على كل الغرف عشان يتأكد ان الكل قام صلى .. ما عدا غرفتين في آخر الممر ما راح لهم .. الغرفة الأولى باللون الأبيض و الأصفر .. برسومات طفولية بريئة تملأ الغرفة .. لـ لين آخر العنقود .. عمرها 5 سنوات ..
أما الغرفة الثانية .. فـ هي غرفة مسكره من أكثر من 16 سنة .. ما أحد يعرف سر الغرفة هذي إلا سكان البيت ..

---------

واقفة بـ جلال الصلاة .. صلّت الفجر و السنة .. وقرأت وِردها اللي متعوده تقراه .. و راحت عند الشباك .. رفعت راسها للسمـاء .. و بدت تدخل جو تأملاتها .. ثواني والخدامة جايبه لها كوب كوفي .. خذته منها بهدوء و رجعت تكمل تأملها في السماء ..
ياا الله .. محتاجة لك .. محتاجة للطفك و كرمك .. يا رب .. انت الوحيد اللي تعلم وش اللي بداخلي .. يارب ضاقت علي الدنيا .. ومالي غيرك ..

ظلّت على هالحال إلى إن أشرقت الشمس .. تحب هالوقت كثيير .. و هذي العادة ما تركتها من كانت صغيره ..
تأملت الشروق .. و ابتسمت بـ خفة .. و راحت تتمدد على السرير الأكثر فخامة على الإطلاق .. حريري .. لكنها تحس بأشواك تُغرز في جسمها كل ما قربت منه .. أنيق جداً .. لكنها تشوفه في أبشع صورة .. وردي .. لكنها تشوفه قاتم و مظلم جداً ..
غمضت عيونها .. و دخلت في سبااات عمييق ..

في الوقت نفسه كانت امها تصحّي أبوها للصلاة .. و لكن لا حياة لمن تنادي .. راحت لعيالها تصحيهم ..
مرّت على الغرف كلها من غرفة وليد إلى غرفة مَيّ و فَيّ التوأم .. إلى غرفة أسامة .. ما مرّت على رهف لأنها تعرف عادتها اليومية واللي مستحيل يمر يوم بدون ما تكون بنفس الجوو ..
قاموا كلهم يصلون .. لكن للأسف .. القدوة لهم ما قام .. عمره ما صلى في المسجد و عمره ما حاول أصلاً .. باقي الصلوات يصليها في البيت .. أما الفجر .. يصليها لما يقوم للدوام الساعة 8 الصباح !

رجعت غرفتها و هي تشوفه نايم وتحاول تصحيه .. لكن في كل مره تحاول فيها تتعب أكثر .. تلاقي منه كلام و سب وشتم .. يترفع اللسان عنه .. ولكنها ما يئست .. و كل يوم تحاول أكثر .. لعل الله يهديه و يصلح حاله..

-----------
في منطقة أخرى .. و تحديداً في الرياض .. في بيت متواضع و بسيط .. كان جالس على اللاب توب .. ينتظرها تدخل الشات مراا ثانية .. لكنها تأخرت .. عرف ان اخوها أكيد جاا و ما خلاها تشبك ..
: إذا أعرست عليها و الله لا أكفخ أخوها تكفييخ .. هالمطوع والله ذبحني ..
جاه الصوت الضخم من وراه : من هو ذا المطوع يا مال الحتسه اللي تحتسك
سلطان بربكة : أبد واحد من الربع ..
قام يبوس راس ابوه .. : صبحك الله بالخير يبه ..
بو سلطان و آثار التعب و الألم باينه عليه : وحطبه .. خبلكم هالمسود الوجه .. قمتوا تمشّون و تحتسون مع أعماركم .. هماك قلت بتوضاا وألحقك المسجد .. ليييه ما جيت !؟
سلطان ما عرف شيقول : يبه تبي أوديك غرفتك ..
بو سلطان بعصبية : انت ما سمعتني وش انا قلت !؟ اذلف لا بارك الله فيك
تركه و مشى وهو يحاول يتماسك لا يطيح من التعب ..
سلطان في نفسه : وش معصب عليه هـ الشيبه .. ناشبن في حلقي ..
ورجع للاب توب مراا ثانية ..

---------------


الساعة 7 صباحاً ..
في الصالة الخارجية الفارهة .. واسعة و فخمة جداً .. الجدران عبارة عن زجاج يطل على الحديقة الخارجية .. والأثاث إغريقي روماني .. وهذي الصالة نادراً ما يجلسون فيها إلا إذا اجتمعوا الأهل كلهم .. أما في الصالة الداخلية أثاث كلاسيكي أنيق .. وهي المكان اللي دايم يجلسون فيه .. فيها درجتين تودي لغرفة الطعام ..
 أم محمد و بو محمد يفطرون بـ صمت .. على الطاولة الفاخره .. اللي تضم 14 كرسي مع ان ما يستخدم منهم إلا 7 كراسي ..
بومحمد يكسر الصمت : وين العيال ؟؟ شفيهم ما قاموا
أم محمد : لا مو رايحين المدارس كلهم .. خبرك هالفترة مراجعة قبل الاختبارات و ماحد يداا....
ما كملت كلامها لأن شهد نازلة ركككض .. بملابس المدرسة الحكومية .. و الشوز الفسفوري الفاقع .. و تسريحة الشعر المبالغ فيها .. و ما ننسى الكحل و البلاشر و القلووس ..
: شهههد و وجع بشويش لا تطيحين
شهد وهي تلبس عباتها : يممه مستعجله الساعة 7 بيسكرون البوابة الحيين .. الله يعيني على مقابل أبله لطييفة بتسوي لي سااالفه .. يلااا يبه بسرررعه ما يمدي ....

آخر كلمة قالتها و هي تفتح الباب وتطلع ..
ضحك بو محمد على رجتها .. و شال شماغه و طلع وراها ..

دخلت المدرسة تتسحب .. عشان ماحد يشوفها ..
حست بمسكه قووويه من يدها .. خلتها توقف مكانها بدون ما تقاوم ..
: ويين على الله ؟؟
شهد : بروح صفي
أبله لطيفه : صحييح ؟؟ قدامي اوقفي هناك مع المتأخرات .. لحظة لحظة تعالي .. وش هالجزمة ؟؟ [ تكرمون ]  .. وين رايحة انتي و وجهتس ؟؟ تحسبين الدنيا فووضه ؟؟ وبعدين وش هالتسريحة ؟ رايحه عرس ؟ والا الكحل و البلاشر !! لا بالله مانتي بصاحيه استخفيتوا و قعدتوا  و و
طبعاً شهد ما كانت تسمع أي شي من هذا .. كانت تأشر لصديقتها اللي واقفة مع المتأخرات ..
بعد الوقفة لمده نصف ساعة .. تضيع من الحصة الأولى .. مدري وش الحكمة من وقفتهم ..
هل هم بيتعضوون مثلاً لما يوقفونهم ؟؟ بالعككس ينبسطون لأن الحصة تضييع و معاهم عذر

وقعت التعهد و راحت مع صديقتها شدن ماسكين يدين بعض .. طيرااان ع الفصل ..
كانت حصة رياضيات .. كالعادة حصة غثيثة و ثقيلة دم إلى أبعد درجة ..
لكن بوجود شلة شهد كل شي غثيث ينقلب وناسة و ضحك ..
طبعاً كانت أيام المراجعة .. فـ أغلب الأساتذة ما يشرحون مجرد مراجعة ..
وكل وحدة منهم ودها تمسك البنات وحده وحده و تقول إذا في أمك خير تعالي بكراا خخخ
أما البنات فـ هم ناشبين .. في منهم اللي تجي عشان المراجعة و تنشب للاساتذة بالاسئلة .. و هالنوعية نادرة و خصوصاً عند السعوديين .. النوعية الأكثر شيوعاً وهي اللي تجي عشان تلعب و تنبسط ..

في الفسحة كانت شهد و شدن و رنيم و أماني و حنان .. يلعبون بـ الماي .. يشترون من المقصف و يكبوون على بعض .. مع ان في نفس الوقت بنات يطالعونهم و يتمنون ريال واحد عشان يشترون فيه ماي يروي ضماهم و ضمى أهلهم ..

آخر حصتين كانوا فرااغ .. جات المعلمة و قالت انا عندكم انتظار .. بروح شوي وأجي ..
طلعت و سكرت الباب .. و على طوووول البنات غيروا أماكن الطاولات
و حطوهم حول الجداران بحيث يكون في النص فااضي ..
و لييه بتقصر تنوورة تلحأها عيوون الشبااب ايييه و هيي بحالا مغروره ....

شهد تطق على الطاولة .. و شدن تغني بصووتها العذب و الباقي رقص و ضحك ..

انتهى الدوام بعد يوم مليان لعب و ضحك و خباال ..
طلعت من الفصل شايله شنطتها و ماسكه عبايتها بيدها ..
لبست عبايتها و طلعت .. وركبت السيارة ..

قبل دقايق من وصول شهد للسيارة ..
: اوووف شمس و حررر و ميت من الجووع شلون يعني ؟؟ لا يكون انا اشتغل عندها وانا مادري ! والله اذا جات لأهزأها ..
ردت بـ خوف  : معليه وليد رووق ما صار شي انا بكلمها بعدين وأقول لها ما تتأخر علينا ..
وليد : لا والله ؟ كم مراا يا رهف كلميتها من قبل و لا شفنا نتيجة .. و كل ما لها وتعاند أكثر و تتأخر أكثر .. لازم يوم من الأيام أمشي و أتركها عشان تتأدب ..
رهف : خلاص خلاص هذا هي جات ..

ركبت شهد السيارة بدون صوت .. حاسه بخجل فضييع .. تحس انها المفروض ما تتأخر عليهم .. و تدري ان الدنيا حرر و شمس .. لكن في كل مراا تطلع لها سالفة جديدة تأخرها ..
--------------

نزلت من الباص اللي يوديها و يجيبها من المدرسة ..
هي مع مجموعة من البنات ..
دخلوا لـ نفس البيت ..
بيت قدييم جداً و متهالك .. الباب أكل أغلبه الصدأ .. صبغ الجدران متشقق .. و طالع من وراه لون الاسمنت  ..  دخلت للغرفة الصغيره اللي تضمها هي و 3 من البنات ..
دخلت و حطت راسها على السرير الحديدي القديم و الغطاء أبيض مصفر .. وكأنه سرير مستشفى أكل عليه الدهر و شرب .. مدت يدها للطاولة الصغيرة اللي جنبها فتحت الدرج و طلعت صندوق صغير ..
فتحته .. ابتسمت .. و رجعته مره ثانية مكانه ..
: أمووت و أعرف وش اللي عندتس في ذا
ضحكت من قلب : يا شينتس و يا شين لقافتس
آمنة وهي تجلس معها على السرير : والله والله جد علميني .. أخاف أموت وانا ما بعد درييت
ضحكت على خبالها : وش دخلتس ياخي .. انا حرره
آمنة : صح انتي حررره .. انا أصلاً مقهووره منتس حددي .. ولا عاد تكلميني ولا يطيح لساني بلسانتس
علامة تعجب ارتسمت على ملامحها : وش فيتس ؟ وش سويت لتس انا ؟
آمنة : الحين كل البنات اللي هنا تقوليين عجااايز من هالأسامي اللي مسمينا اياهم .. إلا انتي على حظتس جيتي مسمية وخالصه و اسمتس وش حالته
شدن دنقت راسها شوي وبعدها رفعته بمزح : طبعاااا أجل هااا نعلمتس حناا

تذكرت .. من لما بدت توعى على الدنيا .. وهي هنا .. بهالمكان .. اللي ضم الكثير و الكثير من البنات اللي بعمرها .. واللي أصغر و اللي أكبر ..
بنات رضعوا اليتم من صغرهم .. ما عرفوا معنى أسرة إلا بالمدرسة .. ياما بكوا بدون صووت .. ياما ضحكوا وبداخلهم ألف آآه تجرحهم ..
كل شي كانوا يعرفونه هو المكان اللي فجأة لقوا نفسهم .. بين ناس كثير ما تربطهم صلة قرابة .. ولا نسب .. لكن تربطهم علاقة وثيقة ..
إخوة .. جمعهم القدر .. ما أحد منهم يعرف من وين جاا أو وين أصله ..
ما يهمهم الماضي ولا المستقبل .. يهمهم الحاضر .. هذا الشيء الوحيد اللي يعرفونه و واثقين فيه ..

شدن .. كل ما حاولت تعرف عن أهلها أي معلومة .. تسكرت كل الأبواب بوجهها .. كل ما شافت بصيص أمل .. اختفى بطرفة عين ..
ما تبيهم .. تكرههم كثيير .. لكن ودها بس تعرفهم .. تسألهم عن أعذارهم .. ليه تركوها مرمية بهالمكان ؟ ليه محد فكر انه يزورها .. هل العيب فيها أو العيب فيهم ..!
كل هذي الأسئلة تراودها بصمت .. وللحين ما لقت أي جواب لهم ..

---------------

جالسه في الغرفة الصغيره اللي جنب غرفتها ..
غرفة فارغة من الأثاث .. ما فيها إلا لوحات و ألوان .. ماسكة الفرشاة بيدها اليمين و علبة الألوان بيدها الثانية ..
لابسه جينز و تيشيرت أسود .. وعليهم مريول الرسم ..
يدها ملونه بألوان اللوحة ..
حتى وجهها متسخ ببعض الألوان ..
الجوال في جيب الجينز و السماعات بإذنها كالعادة ..
مشغلة موسيقى كلاسيك ..
: عربووو .. نحن هنااا
التفت بسرعة و شافته واقف بـ حنية .. حطت الفرشاة و شالت السماعات : سووري والله بس تدري فيني إذا اندمجت ما أسمع شي ثاني
ضحك عليها بداخله : طيب وش تسمعين ؟
حست بشي داخلها يقول اكذبي عشان ما يعطيك محاضرة.. لكن قاومت هالاحساس : موسيقى كلاسيك .. عشان أدخل جوو مع اللوحة
تغيرت ملامحه لكن ابتسم لها : عندي لك جوو ثاااني و رايق أكثثر
تحمست : وشهوو
بابتسامة دافية : القرآن الكريم .. جربيه صدقيني بتروقين أكثر ..
ابتسمت له : ان شاء الله .. يلا انزل تحت وانا بغير ملابسي وأجي ..

ابتسم لها و طلع ..
يمووت عليها .. هذي اخت غير عن كل الخوات اللي بالدنيا .. يحبها بكل تفاصيلها .. يحب ضحكها الجنوني .. يحب خبالها .. يحب رسمها .. يحب خواطرها .. يحب الجلسة معاها ..
راح غرفته قبل ما ينزل ..
كان حاب يفاجئها بشي خاطرها فيه .. لكن أمه عارضت هالشي .. والسبب ان قلبها ناغزها !

ما اقتنع بأسباب أمه .. لأنه يثق في شهد ثقة عمياء ..
لكن كل اللي يقدر عليه انه يحاول يقنع أمه عشان ترضى ..

في الصالة الداخلية ..
بـ صرااخها المعتااد : ماما شووفي خاالد
خالد : اششششش يا غبية ابي اسمع .... اووووف راااح القوول
ام محمد : خالد قـصّر على الزفت أزعجتنا فيه ..
بو محمد : مباراة الهلال والنصر ذي
ام محمد : و إذااا يعني ان شاء الله عمرهم ولا فازوا خله يوووطي على الصووت انصمخت اذني
بو محمد : خالد قصّر الصوت
لين : لا لا بابا قول له يحط سبيس توون بيجي توم و جيري
خالد قصّر الصوت شوي : اقول انثبري بس هذا اللي باقي ..
محمد نازل من الدرج : قصّر الصوت فضحتنا عن الجيران .. كل الناس سمعوا المباراة
شهد نازله وراه : زييين خله عشان اللي ما عندهم تلفزيون يقعد عند الباب ويسمع اذا جا قوول والا لا ههههههه
محمد : يااا سخفك عاد
مها طالعه من المطبخ و عيونها متغورقه : يممممه
وقفت ام محمد مرتاعه و الخوف سيطر على الكل ..

-------------

في غرفتها .. باللون الفوشي و البينك .. كل شي في الغرفة فخم .. الأثاث كلاسيك .. و الصبغ غريب و أنيق جداً .. ماسكه اللاب توب الجديد .. تحاول تستكشفه ..
أول شي سوته فتحت متصفح الانترنت ..
ودخلت على الشات اللي متعوده تدخل عليه ..
سولفت شوي وطلعت ..
فتحت الماسنجر .. ما لقته متصل .. تأففت بداخلها .. وسكرت اللاب و طلعت من الغرفة ..

: شوووق وخرررررري
التفتت شوق وراها والا اخوها الصغير لابس زلاجات برجله و يتزلج .. حاولت تتفاداه أو تمسكه ما قدرت لأنه كان أسرع منها ..
صدم فيها و طاحت معاه .. حاولت تقوم لكن ما قدرت الألم كان أكبر منها ..
غابت عن الوعي ..
وكل شي بداخلها .. يقول : آآآه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق